|
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱
المؤلف: الفیض الکاشانی
الجزء: ۱
الصفحة: ۵۵
أصل و السلطان حارس و ما لا أصل له فمنهدم و ما لا حارس له فضائع، و لا یتمّ الملک و الضبط إلّا بالسلطان و طریق الضبط فی فصل الخصومات بالفقه، و کما أنّ سیاسة الخلق بالسلطنة لیس من أمور الدّین فی الدّرجة الأولى بل هو معین على ما لا یتمّ الدّین إلّا به فکذلک معرفة طریق السیاسة فمعلوم أنّ الحجّ لا یتمّ إلّا ببذرقة[1]تحرس من العرب فی الطریق و لکن الحجّ شیء و سلوک الطریق إلى الحجّ شیء ثان، و القیام بالحراسة الّتی لا یتمّ الحجّ إلّا بها شیء ثالث، و معرفة طریق الحراسة و حیلها و قوانینها شیء رابع، و حاصل فنّ الفقه معرفة طریق الحراسة و السیاسة و یدلّ على ذلک ما روی مسندا «لا یفتی الناس إلّا ثلاثة: أمیر أو مأمور أو متکلّف[2]» فالأمیر هو الإمام و قد کانوا هم المفتون، و المأمور نائبه، و المتکلّف غیرهما و هو الّذی یتقلّد تلک العهدة من غیر حاجة و قد کان السلف یحترزون عن الفتوى إذا سئلوا حتّى کان یحیل کلّ واحد منهم على صاحبه و کانوا لا یحترزون إذا سئلوا عن علم القرآن و طریق الآخرة، و فی بعض الروایات بدل المتکلّف المرائی فإنّ من یتقلّد خطر الفتوى و هو غیر متعیّن للحاجة فلا یقصد به إلّا طلب الجاه و المال. فإن قلت: هذا إن استقام لک فی أحکام الحدود و الجراحات و الغرامات و فصل الخصومات فلا یستقیم فیما یشتمل علیه ربع العبادات من الصیام و الصلاة و لا فیما یشتمل علیه ربع المعاملات من بیان الحلال و الحرام. فاعلم أنّ أقرب ما یتکلّم الفقیه فیه من الأعمال الّتی هی أعمال الآخرة ثلاثة: الإسلام، و الصلاة، و الحلال و الحرام. فإذا تأمّلت منتهى نظر الفقیه فیها علمت أنّه لا یجاوز حدود الدّنیا إلى الآخرة و إذا عرفت هذا فی هذه الثلاثة فهی فی غیرها أظهر أمّا الإسلام فیتکلّم فیه الفقیه فیما یصحّ منه و ما یفسد و فی شروطه، و لیس یلتفت فیه إلّا إلى اللّسان أمّا القلب فخارج عن ولایة الفقیه لعزل رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أرباب السیوف و السلطنة عنه حیث قال: «هلّا شققت عن قلبه [1]» فی الّذی قتل من تکلّم بکلمة
[1] اى الدلیل معرب بدرقة. [2] أخرجه ابن ماجه تحت رقم 3753 و فیه «لا یقص». [1] أخرجه ابن أبی حاتم عن السدی کما فی الدر المنثور ج 2 ص 200.
|
|