الاسم بالقشر و بصنعة الحراسة القشر، و أهملوا اللّبّ بالکلیّة، فالقشر الأوّل هو أن تقول بلسانک لا إله إلّا اللّه و هذا یسمّى توحیدا مناقضا للتثلیث الّذی صرّح به النصارى و لکنّه قد یصدر عن المنافق الّذی یخالف سرّه جهره، القشر الثانی أن لا یکون فی القلب مخالفة و إنکار لمفهوم هذا القول بل یشتمل ظاهر القلب على اعتقاد ذلک و التصدیق به و هو توحید عوام الخلق، و المتکلّمون کما سبق حرّاس هذا القشر عن تشویش المبتدعة، الثالث و هو اللّباب أن یرى الأمور کلّها من اللّه عزّ و جلّ رؤیة تقطع التفاته عن الوسائط و أن یعبده عبادة یفرده بها فلا یعبد غیره و یخرج عن هذا التوحید اتّباع الهوى و کلّ متّبع هواه فقد اتّخذ هواه معبوده، قال اللّه تعالى: «أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ» [1]. و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «أبغض إله عبد فی الأرض عند اللّه هو الهوى» [2] و على التحقیق من تأمّل عرف أنّ عابد الصنم لیس یعبد الصنم و إنّما یعبد هواه إذ نفسه مائلة إلى دین آبائه فیتّبع ذلک المیل و میل النفس إلى المألوفات أحد المعانی الّتی یعبّر عنها بالهوى و یخرج عن هذا التوحید السخط على الخلق و الالتفات إلیهم فإنّ من یرى الکلّ من اللّه عزّ و جلّ کیف یتسخّط على غیره فقد کان التوحید عبارة عن هذا المقام و هو من مقامات الصدّیقین، فانظر إلى ما ذا حوّل و بأیّ قشر قنع و کیف اتّخذ هذا معتصما فی التمدّح و التفاخر بما اسمه محمود مع الإفلاس عن المعنى الّذی یستحقّ الحمد الحقیقی و ذلک کإفلاس من یصبح بکرة و یتوجّه إلى القبلة و یقول:

«وجّهت وجهی للّذی فطر السماوات و الأرض»، و هو أوّل کذب یفاتح اللّه سبحانه به کلّ یوم إن لم یکن وجه قلبه متوجّها إلى اللّه تعالى على الخصوص فإنّه إن أراد بالوجه وجه الظاهر فما وجّهه إلّا إلى الکعبة و ما صرفه إلّا عن سائر الجهات و الکعبة لیست جهة للّذی فطر السماوات و الأرض حتّى یکون المتوجّه إلیها متوجّها إلیه تعالى عن أن تحدّه الجهات و الأقطار، و إن أراد به وجه القلب و هو المطلوب المتعبّد به فکیف یصدق فی قوله و قلبه متردّد فی أوطاره و حاجاته الدّنیویّة و متصرّف فی طلب الحیل‌

[1] الجاثیة: 23.

[2] أخرجه الطبرانی من حدیث أبی أمامة کما فی المغنی.