اسم الکتاب: اسباب النزول
المؤلف: ابی الحسن علی بن احمد الواحدی النیسابوری
الجزء: ۱
الصفحة: ۲۸۶
إِنِّی سَأُحَدِّثُکُمَا کَمَا حَدَّثْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - حِینَ سَأَلَنِی عَنْ ذَلِکَ، کُنْتُ غُلَامًا لِجُبَیْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِیِّ بْنِ نَوْفَلٍ، وَکَانَ عَمُّهُ طُعَیْمَةُ بْنُ عَدِیٍّ قَدْ أُصِیبَ یَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا سَارَتْ قُرَیْشٌ إِلَى أُحُدٍ قَالَ لِی جُبَیْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِعَمِّی طُعَیْمَةَ فَأَنْتَ عَتِیقٌ، قَالَ: فَخَرَجْتُ وَکُنْتُ حَبَشِیًّا أَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَذْفَ الْحَبَشَةِ قَلَّمَا أُخْطِئُ بِهَا شَیْئًا، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ خَرَجْتُ أَنْظُرُ حَمْزَةَ وَأَتَبَصَّرُهُ حَتَّى رَأَیْتُهُ فِی عُرْضِ الْجَیْشِ مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَوْرَقِ یَهُدُّ النَّاسَ بِسَیْفِهِ هَدًّا مَا یَقُومُ لَهُ شَیْءٌ، فَوَاللَّهِ إِنِّی لَأَتَهَیَّأُ لَهُ وَأَسْتَتِرُ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ لِیَدْنُوَ مِنِّی إِذْ تَقَدَّمَنِی إِلَیْهِ سِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ علیه قال: هاهنا یَا ابْنَ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ، قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَهُ فَوَاللَّهِ مَا أَخْطَأَ رَأْسَهُ، وَهَزَزْتُ حَرْبَتِی حَتَّى إِذَا مَا رَضِیتُ مِنْهَا دَفَعْتُهَا إِلَیْهِ فَوَقَعَتْ فِی ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَیْنِ رِجْلَیْهِ، فَذَهَبَ لِیَنُوءَ نَحْوِی فَغُلِبَ، فَتَرَکْتُهُ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ أَتَیْتُهُ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِی، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَعَدْتُ فِی الْعَسْکَرِ وَلَمْ یَکُنْ لِی بِغَیْرِهِ حَاجَةٌ إِنَّمَا قَتَلْتُهُ لِأُعْتَقَ، فَلَمَّا قدمت مکة عتقت فَأَقَمْتُ بِهَا حَتَّى فَشَا فِیهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - رُسُلًا وَقِیلَ لِی: إِنَّ مُحَمَّدًا عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا یَهِیجُ الرُّسُلَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى النَّبِیِّ - صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَآنِی قَالَ لِی: "أَنْتَ وَحْشِیٌّ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ؟ قَالَ: "أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ " قُلْتُ: قَدْ کَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ بَلَغَکَ، قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تُغَیِّبَ وَجْهَکَ عَنِّی؟ " فَخَرَجْتُ. قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى مُسَیْلِمَةَ الْکَذَّابِ قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَیْلِمَةَ الْکَذَّابِ لَعَلِّی أَقْتُلُهُ فَأُکَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَکَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا کَانَ.
|