تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر
«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۱   

فی الشواهد العقلیة:

اعلم أن المطلوب من هذا الباب معرفة فضیلة العلم و نفاسته،و ما لم تفهم الفضیلة فی نفسها و لم یتحقق المراد منها لم یمکن أن تعلم وجودها صفة للعلم أو لغیره من الخصال ،فلقد ضل عن الطریق من طمع أن یعرف أن زیدا حکیم أم لا و هو بعد لم یفهم معنى الحکمة و حقیقتها و الفضیلة مأخوذة من الفضل و هو الزیادة،فإذا تشارک شیئان فی أمر و اختص أحدهما بمزید یقال:فضله و له الفضل علیه،مهما کانت زیادته فیما هو کمال ذلک الشیء،کما یقال الفرس أفضل من الحمار بمعنى أنه یشارکه فی قوة الحمل و یزید علیه بقوة الکر و الفر و شدة العدو و حسن الصورة،فلو فرض حمار اختص بسلعة زائدة لم یقل إنه أفضل،لأن تلک زیادة فی الجسم و نقصان فی المعنى،و لیست من الکمال فی شیء،و الحیوان مطلوب لمعناه و صفاته لا لجسمه.فإذا فهمت هذا لم یخف علیک أن العلم فضیلة إن أخذته بالإضافة إلی سائر الأوصاف،کما أن للفرس فضیلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الحیوانات،بل شدة العدو فضیلة فی الفرس و لیست فضیلة على الإطلاق،و العلم فضیلة فی ذاته و على الإطلاق من غیر إضافة ،فإنه وصف کمال اللّٰه سبحانه،و به شرف الملائکة و الأنبیاء،بل الکیس من الخیل خیر من البلید،فهی فضیلة على الإطلاق من غیر إضافة.

و اعلم أن الشیء النفیس المرغوب فیه ینقسم إلى ما یطلب لغیره،و إلى ما یطلب لذاته،و إلى ما یطلب لغیره و لذاته جمیعا.فما یطلب لذاته أشرف و أفضل مما یطلب لغیره،و المطلوب لغیره الدراهم و الدنانیر،فإنهما حجران لا منفعة لهما ،و لو لا أن اللّٰه سبحانه و تعالى یسّر قضاء الحاجات بهما لکانا و الحصباء بمثابة واحدة.و الذی یطلب لذاته فالسعادة فی الآخرة،و لذة النظر لوجه اللّٰه تعالى. و الذی یطلب لذاته و لغیره فکسلامة البدن،فان سلامة الرجل مثلا مطلوبة من حیث إنها سلامة للبدن عن الألم،و مطلوبة للمشی بها،و التوصل إلى المآرب و الحاجات و بهذا الاعتبار إذا نظرت إلی العلم رأیته لذیذا فی نفسه،فیکون مطلوبا لذاته،و وجدته وسیلة إلى دار الآخرة و سعادتها،و ذریعة إلى القرب من اللّٰه تعالى ،و لا یتوصل إلیه إلا به.

و أعظم الأشیاء رتبة فی حق الآدمی السعادة الأبدیة،و أفضل الأشیاء ما هو وسیلة إلیها،


«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
 تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر