قال صلى اللّٰه علیه و سلم:[1] «أمرت أن أقاتل النّاس حتى یقولوا لا إله إلاّ اللّٰه فإذا قالوها فقد عصموا منّى دماءهم و أموالهم» جعل أثر ذلک فی الدم و المال.و أما الآخرة فلا تنفع فیها الأموال ،بل أنوار القلوب و أسرارها و إخلاصها،و لیس ذلک من فن الفقه،و إن خاض الفقیه فیه کان کما لو خاض فی الکلام و الطب و کان خارجا عن فنه و أما الصلاة فالفقیه یفتی بالصحة إذا أتى بصورة الأعمال مع ظاهر الشروط،و إن کان غافلا فی جمیع صلاته من أولها إلى آخرها،مشغولا بالتفکر فی حساب معاملاته فی السوق إلا عند التکبیر ،و هذا الصلاة لا تنفع فی الآخرة،کما أن القول باللسان فی الإسلام لا ینفع، و لکن الفقیه یفتی بالصحة،أی أن ما فعله حصل به امتثال صیغة الأمر و انقطع به عنه القتل و التعزیر.فأما الخشوع و إحضار القلب الذی هو عمل الآخرة و به ینفع العمل الظاهر لا یتعرض له الفقیه،و لو تعرض له لکان خارجا عن فنه و أما الزکاة فالفقیه ینظر إلى ما یقطع به مطالبة السلطان حتى إذا امتنع عن أدائها فأخذها السلطان قهرا حکم بأنه برئت ذمته.و حکى أن أبا یوسف القاضی کان یهب ماله لزوجته آخر الحول و یستوهب ما لها إسقاطا للزکاة،فحکى ذلک لأبی حنیفة رحمه اللّٰه،فقال:ذلک من فقهه،و صدق فان ذلک من فقه الدنیا،و لکن مضرّته فی الآخرة أعظم من کل جنایة،و مثل هذا هو العلم الضار و أما الحلال و الحرام فالورع عن الحرام من الدین،و لکن

الورع له أربع مراتب:

الأولى-الورع الذی یشترط فی عدالة الشهادة ،و هو الذی یخرج بترکه الإنسان عن أهلیة الشهادة و القضاء و الولایة،و هو الاحتراز عن الحرام الظاهر الثانیة-ورع الصالحین،و هو التوقی من الشبهات التی یتقابل فیها الاحتمالات،

قال صلى اللّٰه علیه و سلم:[2] «دع ما یریبک إلى ما لا یریبک»

و قال صلى اللّٰه علیه و سلم:[3] «الإثم حزّاز القلوب»