|
اسم الکتاب: نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة
المؤلف: الصّغير، محمد حسين علي
الجزء: ۱
الصفحة: ۳۰
الكتاب ، أو حذراً من ولاة الأمور ، ولكن هذا التعليل يقضي بأن الجاحظ والعسكري وأنصارهما قد تجاهلوا كيانهم الحضاري ومجدهم العلمي ، وفرطوا بذوقهم الأدبي وتراثهم العقلي راغبين أو راهبين. ج ـ الدافع القومي : ومرده في إعطاء هذا الرأي وبخاصة من قبل الجاحظ هو محاولة دحض مزاعم الشعوبيين الذين حاولوا تفضيل نصوصهم الأدبية على النصوص العربية بكثرة معانيها ، وتدفق أغراضها ، وتعدد موضوعاتها ، فكان رد الفعل لدى النقاد العرب هو التقليل من قيمة المعاني وإعطاء القيمة للصناعة اللفظية. ٢ ـ الفريق الثاني : وذهب الفريق الثاني وفي طليعته ابن قتيبة ( ت ٢٧٦ هـ ) إلى القول بالجمع بين اللفظ والمعنى مقياساً في البلاغة ، وميزاناً للقيمة الفنية ، فرأى أن الشعر يسمو بسموهما وينخفض تبعاً لهما ، وقد قسم الشعر إلى أربعة أضراب : ١ ـ ضرب حسن لفظه وجاد معناه. ٢ ـ ضرب منه حسن لفظه وحلا ، فإذا فتشته لم تجد هناك فائدة في المعنى. ٣ ـ ضرب منه جاد معناه ، وقصرت ألفاظه. ٤ ـ ضرب منه تأخر معناه ، وتأخر لفظه [١]. فاللفظ والمعنى عند ابن قتيبه يتعرضان معاً للجودة والقبح ، ولا مزية لأحدهما على الآخر ، ولا استئثار بالأولوية لأحد القسيمين ، فقد يكون اللفظ حسناً وكذلك المعنى ، وقد يتساويان في القبح ، وقد يفترقان. ولم يعدم ابن قتيبة الموافقين له على رأيه ، وفيه من الوجاهة ما يدعمه ، فقد سار على منهاجه قدامة بن جعفر في نقد الشعر وتحدث عن اللفظ والمعنى ، وجعلهما قسيمين في تحمل مظاهر القبح وملامح الجودة فيما أورده من آراء في عيوب الالفاظ والمعاني [٢].
[١] ابن قتيبة ، الشعر والشعراء : ٧ ـ ٩. [٢] قدامة ، نقد الشعر ، الفصل الثالث : ١٩٤ ـ ٢١٤. |
|