|
اسم الکتاب: فلسفتنا
المؤلف: الصدر، السيد محمد باقر
الجزء: ۱
الصفحة: ۳۴۸
لماذا تحتاج الأشياء إلى علّة ؟ نتناول الآن ناحية جديدة من مبدأ العلّية ، وهي الإجابة عن السؤال التالي : لماذا تحتاج الأشياء إلى أسباب وعلل فلا توجد بدونها ؟ وما هو السبب الحقيقي الذي يجعلها متوقّفة على تلك الأسباب والعلل ؟ وهذا سؤال نواجهه بطبيعة الحال بعد أن آمنّا بمبدأ العلّية ؛ فإنّ الأشياء التي نعاصرها في هذا الكون ما دامت خاضعة بصورة عامة لمبدأ العلّية ، وموجودة طبقاً لقوانينها ، فيجب أن نتساءل عن سرّ خضوعها لهذا المبدأ ، فهل مردّ هذا الخضوع إلى ناحية ذاتية في تلك الأشياء ، لا يمكنها أن تتحرّر عنها مطلقاً ؟ أو إلى سبب خارجي جعلها بحاجة إلى علل وأسباب ؟ وسواءٌ أصحّ هذا أم ذاك ، فما هي حدود هذا السرّ الذي يرتكز عليه مبدأ العلّية ؟ وهل يعمّ ألوان الوجود جميعاً أو لا ؟ وقد حصلت هذه الأسئلة على أربع نظريات لمحاولة الإجابة عنها : أ ـ نظرية الوجود : وهي النظرية القائلة : إنّ الموجود يحتاج إلى علّة ؛ لأجل وجوده . وهذه الحاجة ذاتية للوجود ، فلا يمكن أن نتصوّر وجوداً متحرّراً من هذه الحاجة ؛ لأنّ سبب الافتقار إلى العلّة سرّ كامن في صميمه . ويترتّب على ذلك : أنّ كلّ وجود معلول . وقد أخذ بهذه النظرية بعض فلاسفة الماركسية ، مستندين في تبريرها علمياً إلى التجارب التي دلّت ـ في مختلف ميادين الكون ـ على أنّ الوجود بشتّى ألوانه |
|