تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر
«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۲   

و لن یتوصل إلیها إلا بالعلم و العمل،و لا یتوصل إلى العمل إلا بالعلم بکیفیة العمل.فأصل السعادة فی الدنیا و الآخرة هو العلم.فهو إذن أفضل الأعمال ،و کیف لا و قد تعرف فضیلة الشیء أیضا بشرف ثمرته.و قد عرفت أن ثمرة العلم القرب من رب العالمین،و الالتحاق بأفق الملائکة و مقارنة الملإ الأعلى.هذا فی الآخرة و أما فی الدنیا فالعز و الوقار ،و نفوذ الحکم على الملوک،و لزوم الاحترام فی الطباع،حتى إن أغبیاء الترک و أجلاف العرب یصادفون طباعهم مجبولة على التوقیر لشیوخهم لاختصاصهم بمزید علم مستفاد من التجربة،بل البهیمة بطبعها توقر الإنسان لشعورها بتمییز الإنسان بکمال مجاوز لدرجتها.

هذه فضیلة العلم مطلقا.ثم تختلف العلوم کما سیأتی بیانه و تتفاوت لا محالة فضائلها بتفاوتها و أما فضیلة التعلیم و التعلم فظاهرة مما ذکرناه،فان العلم إذا کان أفضل الأمور کان تعلمه طلبا للأفضل،فکان تعلیمه إفادة للأفضل.و بیانه:أن مقاصد الخلق مجموعة فی الدین و الدنیا و لا نظام للدین إلا بنظام الدنیا،فان الدنیا مزرعة الآخرة،و هی الآلة الموصلة إلى اللّٰه عز و جلّ لمن اتخذها آلة و منزلا ،لا لمن یتخذها مستقرا و وطنا،و لیس ینتظم أمر الدنیا إلا بأعمال الآدمیین،و أعمالهم و حرفهم و صناعاتهم تنحصر فی ثلاثة أقسام:

(أحدها)أصول لا قوام للعالم دونها و هی أربعة:الزراعة و هی للمطعم،و الحیاکة و هی للملبس،و البناء و هو للمسکن،و السیاسة و هی للتألیف و الاجتماع،و التعاون على أسباب المعیشة و ضبطها .

(الثانی)ما هی مهیئة لکل واحدة من هذه الصناعات و خادمة لها کالحدادة،فإنها تخدم الزراعة،و جملة من الصناعات باعداد آلاتها کالحلاجة و الغزل،فإنها تخدم الحیاکة بإعداد عملها (الثالث)ما هی متممة للأصول و مزینة:کالطحن و الخبز للزراعة:و کالقصارة و الخیاطة للحیاکة ،و ذلک بالإضافة إلى قوام أمر العالم الأرضی مثل أجزاء الشخص بالإضافة إلى جملته، فإنها ثلاثة أضرب أیضا:إما أصول کالقلب و الکبد و الدماغ،و إما خادمة لها کالمعدة و العروق و الشرایین و الأعصاب و الأوردة،و إما مکملة لها و مزینة کالأظفار و الأصابع و الحاجبین و أشرف هذه الصناعات أصولها ،و أشرف أصولها السیاسة بالتألیف و الاستصلاح،


«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
 تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر