|
اسم الکتاب: موسوعة الإمام الخميني ۰۳ و ۰۴ (أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية) - جلد ۱
المؤلف: الخميني، السيد روح الله
الجزء: ۱
الصفحة: ۳۶
معنى البعد و القرب و الإيراد على المصنّف قوله: «إنّ حسن المؤاخذة و العقوبة إنّما يكون من تبعة بعده ...» (7). لا يخفى: أنّ القرب و البعد بالنسبة إلى اللَّه تعالى قد ينتزعان من كمال الوجود ونقصه، فكلّما كان في وجوده ونعوت وجوده كاملًا تامّاً يكون قريباً من مبدأ الكمال ومعدن التمام، كالعقول المجرّدة و النفوس الكلّية، وكلّما كان ناقصاً متشابكاً بالأعدام ومتعانقاً بالكثرات يكون بعيداً عن المقام المقدّس عن كلّ عدم ونقص وقوّة واستعداد، كالموجودات المادّية الهيولانية. فالهيولى الاولى الواقعة في حاشية الوجود- حيث كان كمالها عين النقص، وفعليتها عين القوّة- أبعد الموجودات عن اللَّه تعالى، والصادر الأوّل أقرب الموجودات إليه تعالى، والمتوسّطات متوسّطات. و هذا القرب و البعد الوجودي لا يكونان مناط الثواب و العقاب بالضرورة، ولعلّه قدس سره يعترف بذلك. و قد ينتزعان من مقام استكمال العبد بالطاعات و القربات، أو نفس الطاعات والقربات، والتحقّق بمقابلاتها من العصيان و التجرّي، فيقال للعبد المطيع المنقاد: إنّه مقرَّب [من] حضرته قريب من مولاه، وللعاصي المتجرّي: إنّه رجيم بعيد عن ساحة قدسه. و هذا مراده من القرب و البعد ظاهراً. فحاصل مرامه: أنّ سبب اختلاف الناس في استحقاق الجنّة و النار ونيل الشفاعة وعدمه، هو القرب منه تعالى بالانقياد والطاعة، والبعد عنه بالتجرّي و المعصية. |
|