الإرادة الوجوبية في درجة واحدة مع الندبية؛ فإنّه خلاف الضرورة.

بل تكون الإرادة الشديدة و الضعيفة اللّتان هما المبدأ للوجوب و الندب، المرتبتين المختلفتين بتمام ذاتهما، والمشتركتين بتمام ذاتهما- كما هو الشأن في الامتياز بنحو القسم الرابع من الأقسام- كالوجود وسائر البسائط، فلمّا كانت الإرادتان مختلفتين، يكون الطلب الناشئ منهما مختلفاً بالتبع، فيكون الطلب الوجوبي هو الطلب المتأكّد الناشئ عن الإرادة الشديدة القويّة، والطلب الندبي هو الطلب الغير المتأكّد الناشئ من الإرادة الضعيفة.

الأمر الثالث: في الفرق بين الطلب الندبي و الوجوبي‌

إنّ الطلب الذي هو البعث و الإغراء نحو العمل، قد يكون متأكّداً ببعض أداة التأكيد، كنونَي التأكيد وغيرهما، و قد يكون مقروناً بترخيص الترك، و قد يكون مطلقاً غير مقترنٍ بشي‌ء منهما.

و قد عرفت: أنّ الفرق بين مبدئَي الندبي و الوجوبي بالشدّة و الضعف، و أمّا الفرق بين نفس الطلبين، فيكون بالاقتران بالترخيص وعدمه، كما سيأتي عن قريب‌[54].

و أمّا ما قيل: من أنّ الافتراق بينهما إنّما يكون بصحّة المؤاخذة على الترك وعدمها[55].

وما قيل: من أنّ الوجوب هو الرجحان مع المنع من الترك، والندب هو

[54] - يأتي في الصفحة 43.

[55] - الفصول الغروية: 87/ السطر 38.