مشخصات کتاب فهرست کتاب
«« اولین صفحه    « صفحه قبل       صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: فلسفتنا    المؤلف: الصدر، السيد محمد باقر    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۹   

موضع الأخلاق من الرأسمالية :

وكان من جرّاء هذه المادّية التي زخر النظام بروحها أن أُقصيت الأخلاق من الحسّاب ، ولم يُلحَظ لها وجودٌ في ذلك النظام ، أو بالأحرى تبدّلت مفاهيمها ومقاييسها ، وأُعلنت المصلحة الشخصية كهدف أعلى ، والحرّيات جميعاً كوسيلة لتحقيق تلك المصلحة . فنشأ عن ذلك أكثر ما ضجَّ به العالم الحديث من محن وكوارث ، ومآسي ومصائب.

وقد يدافع أنصار الديمقراطية الرأسمالية عن وجهة نظرها في الفرد ومصالحه الشخصية ، قائلين : إنّ الهدف الشخصي بنفسه يحقّق المصلحة الاجتماعية ، وإنّ النتائج التي تحقّقها الأخلاق بقيمها الروحية تُحقَّق في المجتمع الديمقراطي الرأسمالي ، لكن لا عن طريق الأخلاق ، بل عن طريق الدوافع الخاصّة وخدمتها ؛ فإنّ الإنسان حين يقوم بخدمة اجتماعية يحقّق بذلك مصلحةً شخصية أيضاً ؛ باعتباره جزءاً للمجتمع الذي سعى في سبيله ، وحين ينقذ حياة شخص تعرَّضت للخطر فقد أفاد نفسه أيضاً ؛ لأنّ حياة الشخص سوف تقوم بخدمة للهيئة الاجتماعية ، فيعود عليه نصيب منها ، وإذن ، فالدافع الشخصي والحسّ النفعي يكفيان لتأمين المصالح الاجتماعية وضمانها ، ما دامت ترجع بالتحليل إلى مصالح خاصّة ومنافع فردية .

وهذا الدفاع أقرب إلى الخيال الواسع منه إلى الاستدلال . فتصوّر بنفسك أنّ المقياس العملي في الحياة لكلّ فرد في الأُمّة إذا كان هو تحقيق منافعه ومصالحه الخاصّة ، على أوسع نطاق وأبعد مدى ، وكانت الدولة تُوفِّر للفرد حرّياته وتقدِّسه بغير تحفّظ ولا تحديد ، فما هو وضع العمل الاجتماعي من قاموس هؤلاء الأفراد ؟! وكيف يمكن أن يكون اتّصال المصلحة الاجتماعية بالفرد كافياً لتوجيه


«« اولین صفحه    « صفحه قبل       صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
مشخصات کتاب فهرست کتاب