|
اسم الکتاب: كتاب الإنصاف
المؤلف: ابن سينا
الجزء: ۱
الصفحة: ۱۱۶
و حاجة إلى الطلب، و لم يعط حسّا، كان ذلك باطلا. ثم يكون تمام الكلام هو أن الطبيعة تفعل لأجل شىء، أو تفعل ما يقع بالضرورة. - أى أنه لا ينحرس عن الآفات و لا يهتدى إلى ما به يغتذى و ينمى و يتم. قال المشرقيون: قد اعتمدوا أن الأجرام السماوية لا ينبغى أن يكون لها حسّ، لأنها لا تحتاج إلى غذاء، و لا لها طلب شىء و لا هرب من شىء. و ليس هذا بواجب، فإن الحس و الإدراك بنفسه معنى مطلوب لذاته، فليس بمنكر أن يكون للأجرام السماوية ضرب من الحس لا يحتاج فيه إلى انفعال و استحالة، بل يكون كحال القمر فى استضاءته من الشمس. و لعل لها حاجة من وجه ما إلى أمر حسى و إدراك زمانى كما يذكره المشرقيون. أو لو كان الإدراك يحتاج إليه لدفع أو جذب، لكان البارى تعالى لا يوصف بأنه عالم. و قد قال ثامسطيوس: أخلق بالإجرام الملكية و الفلكية أن تدرك المحسوسات مثل ما يدرك الموّلد الموّلد. و لكن ليس هذا بجواب، فإنه يلزم أيضا أن يقال: و كيف يدرك الموّلد الجزئى، الموّلد الجزئىّ الشخصى من المحسوسات: أ بعقل أم بحس؟ و لكن الجواب أن ذلك يمكن بهما جميعا. و أما أنه كيف يمكن بالعقل، فليطلب من كتب المشرقيين. و لكنه إذا خصص بالزمان لم يمكن إلا أن يكون الإدراك بآلة جسمانية. آخر ما وجد من ذلك و الحمد للّه رب العالمين و صلواته على نبيه محمد و آله أجمعين، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل. (حاشية) عند كثير من الأوائل أن الأعداد مبادئ للعالم. و أمثل ما حمل عليه هذا القول أن يكون معناه: كون الشىء واحدا غير كونه موجودا أو إنسانا، و هو فى ذاته أقدم منهما. فالحيوان الواحد لم يحصل واحدا إلا و قد تقدمه معنى الوحدة الذي به صار واحدا، و لولاه لم يصح وجوده. فإذن هو الأبسط الأشرف الأول. و هذه صورة العقل. فالعقل يجب أن يكون الواحد من هذه الجهة، و العلم دون ذلك فى الرتبة، لأنه بالعقل و منه. فهو الاثنان الذي ينفرد إلى الواحد. و العلم يؤول إلى العقل. و معنى الظن عدد السطح، و الحس عدد المصمت: أن السطح لكونه ذا ثلاث جهات هو طبيعة الظن الذي هو أعم من العلم مرتبة، لأن العلم يتعلق بمعلوم معين، و الظن ينجذب إلى الشىء و نقيضه، و الحس أعم من الظن فهو المصمت، أى الجسم له أربع جهات. |
|