|
اسم الکتاب: كتاب الإنصاف
المؤلف: ابن سينا
الجزء: ۱
الصفحة: ۲۸
و الرجاء و الحفظ لذيذان لمكان الفهم، فإن الرجاء يجعل ما بالقوة كالموجود المدرك و فى الحال نلتذ بخياله، و الحفظ أى التذكر للأشياء السارة يجعلها [1] كالموجود. و أما الفهم فإنما يلذ لذاته؛ ثم نقول و أما الفهم المتقدم بذاته فللذى هو أفضل بذاته. أما الذي يفهم ذاته فهو جوهر العقل إذا اكتسب المعقول، فإنه يصير معقولا فى الحال كما يلامسه مثلا. و إنما يكون العقل و العاقل و المعقول [140 ب] واحدا بقياس ذات الشىء إلى نفسه، فتكون هناك الذات واحدة هى الصورة المعقولة، كما يقال: أولها ذاتها، أى ذاتها غير مباينة من حيث هى معقولة بذاتها. ثم يقول: «و هى حياة»، أى حي بذاته، أى كامل، فى أن يكون بالفعل مدركا لكل شىء، نافذ الأمر فى كل شىء. فإن الحياة التي عندنا إنما تسمى حياة لما يقترن بها من إدراك خسيس و تحريك خسيس، و أما هناك فالمشار إليه بلفظ الحياة هو كون العقل التام بالفعل، و ذلك هو العقل، و خصوصا العقل الذي من ذاته يتعقل كل شىء من ذاته. ثم قال: فإذن هو حياة و بصر متصل أزلى، أى حي بذاته باق بذاته؛ فإن هذا هو الإله. (الفصل الثامن) ثم يبحث هل المحرك المفارق الذي ليس بجسم واحدا أو أكثر من واحد. فيقول: إذا كانت الحركات كثيرة- و المحرّك الواحد متحركه واحد- فيجب أن يكون عدد المحركات المفارقة كثيرة بحسب عدد المحركات الأزلية، و لم يبين لم يحتاج المتحرك من محرك كالمشتهى إلى أن يكون خاصا يحركه محرك [2]، و أخذ ذلك مسلما. ثم ينتج عن كلامه [3] مقدمة فى أن الجواهر المفارقة كثيرة، على ترتيب أول و ثان. قال: هذا حق- و لكن ليس بيّنا مما قاله. فإن المبلغ الذي قاله لا يمنع من أن يكون محرك مفارق يحرك كالمشتهى و المتحركون عنه كثيرون- [ف] يجب أن يهتدى للسبب الموجب لذلك. و قوله: «على ترتيب أول و ثان»، إن عنى بالترتيب أن يكون بعضها علة لبعض
[1] أى يجعل الشىء المتذكر كأنه موجود. [2] ن: حركة. و تصح أيضا هذء القراءة بشيء من التأويل. [3] ن: كلام. |
|