مشخصات کتاب فهرست کتاب
«« اولین صفحه    « صفحه قبل       صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات)    المؤلف: السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء: ۱    الصفحة: ۶۸   

ولا بدّ من إلفات نظر الباحث إلى أنّ بعض الحواسِّ قد تكشف خطأ حاسَّة أُخرى، ففي مورد القلم الّذي يتراءى في الماء منكسراً، تلمسه اليد مستقيماً مستوياً، فتكشف حاسَّةُ اللَّمس خطأَ حاسّة البصر، وهكذا سائر الحواس[1] .

الشبهة الثانية ـ المُدْرَك هو الصور الذهنية لا الواقع

إنّ الإنسان لا يقف عند عملية الإدراك إلاّ على الصورة الذهنية، ولا ينال الواقع الموضوعي. وانطلاقاً من هذا، لا يصحّ لنا الإذعان بوجود حقائق خارجية، إذ الحاصل عندنا هو العلم لا المعلوم الخارجي، فإنّ من المعلوم أنّ للواقع الخارجي آثاراً خاصّة غير موجودة في الفكر عند الإدراك.

وإن شئت قلت: إنّ الوسائل التي تَجَهَّزَ بها الإنسان للوصول إلى الواقع، لا توصله إلاّ إلى الصور العلمية والإدراكات الذهنية القائمة في ذهنه. فالإنسان الّذي يُطِلُّ على العالم بنظره حتّى عن طريق المِجْهَر والتلسكوب، لا يحصل له ـ رغم ما يتحمله من الجهود ـ إلاّ صور ذهنية، وهي لا تروي غليله.

الجواب:

إنّ المستدلّ نظر إلى العلم بما هو هو، بالنظر الموضوعي والاستقلالي لا بالنظر الآلي والطريقي، فألغى جهة كشفه وطريقيّته، فرتّب عليه ما رتّب. ولكنه غفل عن أنّ العلم والكشف عن معلوم سواه، متلازمان لا يتفارقان، وأنّ


[1] لم يتجاهل الفلاسفة الإسلاميون البحث حول هذه الشكوك. وقد عقد صدر المتألهين في أسفاره فصلاً لذلك، وممّا قاله: زعم بعضهم أنْ لا حقيقة للكيفيات المحسوسة بل هي مجرد انفعالات تعرض للحواس. وقال: من حججهم أنّ الإنسان الواحد قد يرى جسماً واحداً على لونين مختلفين، بحسب وضعين منه، كطوق الحمامة يُرى مرّة أشقر ومرّة على لون الذهب بحسب اختلاف المقامات، وأيضاً السُكَّر في فم الصفراوي مرّ وفي غيره حلو، فلا حقيقة لهذه الأشياء إلاّ انفعال الحواس الخ... ثم أخذ بنقده. (لاحظ الأسفار: 4/ 65 ـ 66) الفصل السادس عشر.
كما بسط الإمام الرازي الكلام في حلّ هذه الأمثلة الّتي وقعت ذريعة في أيدي الشكّاكين، لاحظ المباحث المشرقية: 1 / 350 ـ 352 .


«« اولین صفحه    « صفحه قبل       صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
مشخصات کتاب فهرست کتاب