|
اسم الکتاب: سيرة المصطفى نظرة جديدة
المؤلف: هاشم معروف الحسني
الجزء: ۱
الصفحة: ۱۲۳
و اني لا أريد من كل ذلك ان انتقص من اسلام ابي بكر و غيره و لا ان أجحد فضلا و عملا صالحا لأحد من المسلمين الأولين فلأبي بكر و غيره فضل السبق الى الاسلام و الصحبة للرسول (ص) في ذلك الوقت المبكر من تاريخ الدعوة التي كان الاسلام فيها في امس الحاجة الى الأنصار و الاتباع في مقابل اولئك الجبابرة الطغاة و لقد عزز هو و غيره موقف الرسول من أعدائه الألداء كأبي جهل و أبي سفيان و غيرهما. المرحلة الأولى من مراحل الدعوة بقي محمد (ص) منذ ان بعثه اللّه نحوا من ثلاث سنين يتستر في دعوته و يتحاشى الرأي العام و جبابرة قريش، فآمن به عدد قليل و تستروا في اسلامهم حتى لا يتعرضوا للعذاب و التنكيل، و مع ذلك فإن انباء دعوة محمد قد تسربت الى المكيين من هنا و هناك و تحدث الناس عنها في مجالسهم، و لكنهم في تلك المرحلة من تاريخها لم يتحسسوا بأخطارها و ظنوا ان حديثها لا يزيد عن احاديث الكهان و المتألهين امثال قس بن ساعدة و زيد بن عمرو و أمية بن أبي الصلت و غيرهم ممن تركوا عبادة الأصنام و خرجوا من مكة يبحثون عن دين تقبله عقولهم و يطمئنون إليه، و ان محمدا و من اتبعه عائدون الى دين آبائهم و أجدادهم، و بالتالي ستكون الغلبة لآلهتهم لا لغيرها، كما كانوا يتصورون. و بعد ثلاث سنين من مبعثه امره اللّه سبحانه ان يظهر امره و يدعو قومه الى الاسلام و انزل عليه. يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ فكانت هذه الأوامر ايذانا للرسول (ص) بأن الماضي قد انتهى، و انه الآن امام عمل جديد و تكليف شاق يستدعي اليقظة و الحذر و التضحية و تحمل المشاق في سبيل توجيه الناس الى الوحدانية المطلقة التي تعني ان الانسان ليس عبدا |
|