|
اسم الکتاب: سيرة المصطفى نظرة جديدة
المؤلف: هاشم معروف الحسني
الجزء: ۱
الصفحة: ۲۷۳
الاعداد للمستقبل لقد عرفت ان اول شيء قام به النبي (ص) بعد ان استقر في يثرب هو بناء مسجده و المساكن التي يحتاج إليها، و المسجد في الاسلام كما يجمع الناس للعبادة و أداء فريضة الصلاة، كان أيضا مدرسة للتعليم و ندوة يجتمعون فيه للنظر في جميع شئونهم الدينية و الدنيوية و ملجأ للفقراء و المساكين يأوي إليه منهم من لا يملك مسكنا و لا يجد من يؤويه. و قد اعد منه النبي جانبا لأولئك البؤساء الذين لا يملكون شيئا غير إيمانهم بربهم و انقطاعهم إليه سبحانه، ثم بذل جهده في توثيق الصلات بين المسلمين من المهاجرين و الأنصار و تذويب العصبيات و النزعات الجاهلية التي كانت تتحكم في مصير الأفراد او الجماعات و تجرهم الى الحروب و إراقة الدماء كما كان الحال بين الأوس و الخزرج الذين كانوا يتعرضون بين الحين و الآخر لحروب دامية تراق فيها الدماء و تستباح الأعراض و الأموال. و استطاع في برهة يسيرة ان يعبأ نفوسهم بتعاليم الاسلام و الايمان برسالته بدون جبر او إكراه، بل بالحكمة و الموعظة الحسنة، و أعطى الحق لأصحاب الأديان الأخرى ان يناقشوا و يناظروا و يبحثوا عن الحقيقة على ضوء ما تهدف إليه تلك الاديان، و ما يدعو إليه الاسلام من عبادة الواحد الأحد، و العمل للآخرة و الدنيا ليستقيم النظام و تنتظم الحياة و يستوفي كل فرد نصيبه منها، بدون بغي او عدوان او تحكم بالفقراء و المستضعفين من الناس. و لم يكتف الرسول بعد استقراره في يثرب بتوثيق عرى التعاون و الأخوة بين الأوس و الخزرج و بينهم و بين المهاجرين إليها معه من المسلمين و المؤمنين، بل بذل جهدا كبيرا لتحقيق الوحدة بين جميع سكان يثرب من |
|