|
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱
المؤلف: ابو حامد الغزالی
الجزء: ۱
الصفحة: ۳۴
إذ هو مستفاد من النبوة،بخلاف الطب فإنه لیس من علم الشرع .و(الثانی)أنه لا یستغنی عنه أحد من سالکی طریق الآخرة البتة لا الصحیح و لا المریض،و أما الطب فلا یحتاج إلیه إلا المرضى و هم الأقلون.و(الثالث)أن علم الفقه مجاور لعلم طریق الآخرة لأنه نظر فی أعمال الجوارح، و مصدر أعمال الجوارح و منشؤها صفات القلوب،فالمحمود من الأعمال یصدر عن الأخلاق المحمودة المنجیة فی الآخرة،و المذموم یصدر من المذموم،و لیس یخفى اتصال الجوارح بالقلب. و أما الصحة و المرض فمنشؤهما صفاء فی المزاج و الأخلاط .و ذلک من أوصاف البدن لا من أوصاف القلب،فمهما أضیف الفقه إلی الطب ظهر شرفه.و إذا أضیف علم طریق الآخرة إلى الفقه ظهر أیضا شرف علم طریق الآخرة فإن قلت:فصلّ لی علم طریق الآخرة تفصیلا یشیر إلى تراجمه و إن لم یمکن استقصاء تفاصیله،فاعلم أنه قسمان:علم مکاشفة و علم معاملة. فالقسم الأول علم المکاشفة و هو علم الباطن،و ذلک غایة العلوم،فقد قال بعض العارفین: من لم یکن له نصیب من هذا العلم أخاف علیه سوء الخاتمة.و أدنى نصیب منه التصدیق به و تسلیمه لأهله.و قال آخر:من کان فیه خصلتان لم یفتح له بشیء من هذا العلم:بدعة أو کبر . و قیل:من کان محبا للدنیا أو مصرا على هوى لم یتحقق به:و قد یتحقق بسائر العلوم، و أقل عقوبة من ینکره أنه لا یذوق منه شیئا :و ینشد على قوله: |
|