تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر
«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۳۵   

(اقْرَأْ کِتٰابَکَ کَفىٰ بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً) و معنى قوله تعالى: (وَ إِنَّ الدّٰارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوٰانُ لَوْ کٰانُوا یَعْلَمُونَ) و معنى لقاء اللّٰه عز و جل و النظر إلى وجهه الکریم، و معنى القرب منه و النزول فی جواره،و معنى حصول السعادة بمرافقة الملإ الأعلى و مقارنة الملائکة و النبیین ،و معنى تفاوت درجات أهل الجنان حتى یرى بعضهم البعض کما یرى الکوکب الدری فی جوف السماء،إلى غیر ذلک مما یطول تفصیله،إذ للناس فی معانى هذه الأمور بعد التصدیق بأصولها مقامات شتى،فبعضهم یرى أن جمیع ذلک أمثلة و أن الذی أعده اللّٰه لعباده الصالحین ما لا عین رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر،و أنه لیس مع الخلق من الجنة إلا الصفات و الأسماء.و بعضهم یرى أن بعضها أمثلة و بعضها یوافق حقائقها المفهومة من ألفاظها،و کذا یرى بعضهم أن منتهى معرفة اللّٰه عز و جل الاعتراف بالعجز عن معرفته.

و بعضهم یدعى أمورا عظیمة فی المعرفة باللّٰه عزّ و جل.و بعضهم یقول:حدّ معرفة اللّٰه عزّ و جل ما انتهى إلیه اعتقاد جمیع العوام،و هو أنه موجود عالم قادر سمیع بصیر متکلم.فنعنی بعلم المکاشفة أن یرتفع الغطاء حتى تتضح له جلیة الحق فی هذه الأمور اتضاحا یجرى مجرى العیان الذی لا یشک فیه.و هذا ممکن فی جوهر الإنسان لو لا أن مرآة القلب قد تراکم صدؤها و خبثها بقاذورات الدنیا،و إنما نعنی بعلم طریق الآخرة العلم بکیفیة تصقیل هذه المرآة عن هذه الخبائث التی هی الحجاب عن اللّٰه سبحانه و تعالى و عن معرفة صفاته و أفعاله،و إنما تصفیتها و تطهیرها بالکف عن الشهوات،و الاقتداء بالأنبیاء صلوات اللّٰه علیهم فی جمیع أحوالهم، فبقدر ما ینجلی من القلب و یحاذى به شطر الحق یتلألأ فیه حقائقه،و لا سبیل إلیه إلا بالریاضة التی یأتی تفصیلها فی موضعها،و بالعلم و التعلیم.و هذه هی العلوم التی لا تسطر فی الکتب و لا یتحدث بها من أنعم اللّٰه علیه بشیء منها إلا مع أهله،و هو المشارک فیه،على سبیل المذاکرة و بطریق الإسرار.و هذا هو العلم الخفی الذی أراده

صلى اللّٰه علیه و سلم بقوله:[1] «إنّ من العلم کهیئة المکنون لا یعلمه إلاّ أهل المعرفة باللّٰه تعالى،فإذا نطقوا به لم یجهله إلاّ أهل الاغترار باللّٰه تعالى،فلا تحقروا عالما آتاه اللّٰه تعالى علما منه فإنّ اللّٰه عزّ و جلّ لم یحقره إذ آتاه إیّاه»


«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
 تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر