اسم الکتاب: آثار البلاد وأخبار العباد
المؤلف: زكريّا بن محمّد بن محمود القزويني
الجزء: ۱
الصفحة: ۶
منها خاصيّة عجيبة وحكمة بديعة ، فإن الحجر الصلد يتولّد فيه الجواهر النفيسة كاليواقيت والزبرجد وغيرهما ، والطين الحرّ ينبت الثمار والزروع بعجيب ألوانها وأشكالها وطعومها وروايحها ، والطينة السبخة يتولّد منها الشبوب والزاجات والاملاح بفوايدها ، وكذلك الإنسان حيوان متساوي الآحاد بالحدّ والحقيقة ، لكن بواسطة الالطاف الإلهيّة تختلف آثارهم ، فصار أحدهم عالما محقّقا ، والآخر عابدا ورعا ، والآخر صانعا حاذقا. فالعالم ينفع الناس بعلمه ، والعابد ببركته ، والصانع بصنعته ؛ فذكرت في هذا الكتاب ما كان من البلاد مخصوصا بعجيب صنع الله تعالى ، ومن كان من العباد مخصوصا بمزيد لطفه وعنايته ، فإنّه جليس أنيس يحدثك بعجيب صنع الله تعالى ، ويعرّفك أحوال الأمم الماضية ، وما كانوا عليه من مكارم الأخلاق ومآثر الآداب ، ويفصح بأحوال البلاد كأنّك تشاهدها ، ويعرب عن أخبار الكرام كأنّك تجالسهم : جليس أنيس يأمن الناس شرّه | | ويذكر أنواع المكارم والنّهى | ويأمر بالإحسان والبرّ والتّقى | | وينهى عن الطّغيان والشرّ والأذى | ومن انتفع بكتابي هذا وذكرني بالخير ، جعله الله من الأبرار ورفع درجاته في عقبى الدار. وأسأل الله تعالى العفو عمّا طغى به القلم أو همّ أوسها بذلك أو لمّ ، إنّه على كلّ شيء قدير وبالإجابة جدير. ولنقدّم على المقصود مقدّمات لابدّ منها ، لحصول تمام الغرض ، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
|