مشخصات کتاب فهرست کتاب
«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: تعريب سيد المرسلين - جلد ۱    المؤلف: جعفر الهادي    الجزء: ۱    الصفحة: ۴۲   

و ينبغي هنا أن نقف عند القرآن الكريم قليلا- كما وعدنا بذلك- فانه خير مرآة تعكس أحوال العرب و أوضاعهم بدقة متناهية و بشمولية ما وراءها شمولية.

ملامح المجتمع الجاهلي العربي في منظور القرآن:

إن القرآن يكشف إجمالا عن أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بعث إلى قوم لم يبعث إليها احد قبله اذ يقول: «وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» [1].

و يقول في آية اخرى: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» [2].

و من المعلوم أن المقصود في هاتين الآيتين و نظائرهما هم قريش و القبائل القريبة إليها.

على أن أشمل وصف قرآنيّ لأوضاع المجتمع العربي الجاهلي و أحواله هو قول اللّه تعالى: «وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى‌ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» [3].

فإنّ هذه الآية تصوّر حياة العرب تصويرا مرعبا، اذ تصوّرهم اولا و كأنهم قد سقطوا في قعر بئر الجاهلية، و الضلال و الشقاء فلا ينقذهم شي‌ء من قعر التردي و السقوط الّا التمسّك بحبل اللّه، حبل الإيمان و القرآن.

و تصوّرهم ثانيا و كأنهم على شفير جهنم يوشكون أن يسقطوا فيه و يهووا في نيرانه، و ليست تلك النار إلّا نيران العداوات و الحروب التي لو لم يقض عليها الإسلام بتعاليمه لأحرقت حياة العرب جميعا.

هذه هي صورة سريعة عما كان عليه العرب في الجاهلية من جهل و سقوط.

و امّا تفصيل ذلك فيمكن الوقوف عليه بمراجعة الآيات الاخرى التي‌


[1] القصص: 46.

[2] السجدة: 3.

[3] آل عمران: 103.


«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
مشخصات کتاب فهرست کتاب