|
اسم الکتاب: تعريب سيد المرسلين - جلد ۱
المؤلف: جعفر الهادي
الجزء: ۱
الصفحة: ۴۵
و الشكر لما وهب أصحابها من النعم و البركات، غير أن هذا العمل- كان في حقيقته- نوعا من الإيذاء و الإضرار بهذه الحيوانات، لأنهم كانوا يهملونها و يحرمونها من العناية اللازمة فكانت تشقى بقية حياتها، و تقاسي من الحرمان، مضافا إلى ما كان يصيبها من التلف و الضياع، و ما يلحق ثروتهم و النعم التي و هبها اللّه لهم من هذا الطريق من الضرر و الخسارة. و الأسوأ من كل ذلك أنهم- كما يستفاد من ذيل الآية- كانوا ينسبون هذه المبتدعات المنكرات و هذا المنع و الحظر إلى اللّه سبحانه و تعالى، اذ يقول سبحانه: «وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» و قد أعلم اللّه في مطلع الآية أنه لم يحرّم من هذه الاشياء شيئا، و أنهم ليكذبون على اللّه بادّعائهم أن هذه الأشياء من فعل اللّه أو أمره. و قد أشار القرآن إلى هذه الخرافات التي كانت تكبّل عقول الناس في ذلك المجتمع اذ يقول: «وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ» [1]. 4- الفساد الاخلاقي: كان المجتمع الجاهلي العربي يعاني من فساد ذريع في الاخلاق و قد أشار القرآن الكريم الى اثنين من أبرز وسائل الفساد و مظاهره هما: القمار (الذي كانوا يسمّونه بالميسر و انما اشتق من اليسر لأنه اخذ مال الرجل بيسر و سهولة من غير كدّ و لا تعب) و الخمر. و قد بلغ شغفهم بالخمر أنهم أعرضوا عن قبول الإسلام و اعتناقه لأنه يحرّم تناول الخمر و شربه، كما نقرأ ذلك في قصة الاعشى عما قريب. يقول القرآن في هذا الصعيد: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما» [2]. و قد استطاع القرآن الكريم عبر مراحل أربع أن يستأصل هذه العادة البغيضة
[1] الأعراف: 157 و راجع المحبر ص 330- 332. [2] البقرة: 219. |
|