|
اسم الکتاب: تعريب سيد المرسلين - جلد ۱
المؤلف: جعفر الهادي
الجزء: ۱
الصفحة: ۵۰
سبحانه على هذه المقالة بقوله تعالى: «وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا» [1] ففي البيع و الشراء يتساوى الطرفان في تحمل الضرر المحتمل، بينما لا يتضرر المرابي في النظام الربوي أبدا و إنّما يلحق الضرر بمعطي الربا دائما، و لهذا تنمو المؤسسات الربوية، و يعظم رصيدها، و ثروتها يوما بعد يوم فيما يزداد الطرف الآخر بؤسا و فقرا، و لا يحصل من جهوده المضنية إلا على ما يسدّ جوعته، و يقيم اوده، لا اكثر، كل ذلك نتيجة لهذا الاسلوب الاقتصادي غير العادل. صور من الوضع الجاهلي ما قدمناه كان أبرز المفاسد الاخلاقية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي أشار إليها القرآن الكريم، و أما التاريخ فمليء بالصور و القصص التي تحكي عن تردي حالة العرب الجاهلية و سقوطها الفضيع في قعر الفساد في جميع المناحي و الجهات. و إليك في ما يلي نماذج و صور معدودة تكفي للوقوف على الحالة العامة في ذلك المجتمع نقتبسها لك من أصح المصادر و اوثقها: (1) و ها نحن نقدم قصة «أسعد بن زرارة» التي تسلط الضوء على ما كان عليه الوضع الجاهلي في اكثر مناطق الحجاز، فقد قدم «أسعد بن زرارة» و «ذكوان بن عبد قيس»- و هما من الأوس و كان بين الاوس و الخزرج حرب قد بقوافيها دهرا طويلا، و كانوا لا يضعون السلاح لا بالليل و لا بالنهار، و كان آخر حرب بينهم «يوم بعاث» و قد انتصر فيها الأوس على الخزرج- مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الاوس، و كان اسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة، فنزل عليه فقال: انه كان بيننا و بين قومنا حرب و قد جئناك نطلب الحلف عليهم، فقال له عتبة: إن لنا شغلا لا نتفرّغ لشيء. قال سعد: و ما شغلكم و أنتم في حرمكم و أمنكم؟ قال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنّه رسول اللّه سفّه أحلامنا، و سبّ آلهتنا و أفسد
[1] البقرة: 275. |
|