|
اسم الکتاب: تعريب سيد المرسلين - جلد ۱
المؤلف: جعفر الهادي
الجزء: ۱
الصفحة: ۶۶
(1) و لقد بلغ انس العرب الجاهلية بالقتال و سفك الدماء أن جعلوا القتل و السفك للدماء من مفاخر الرجال!! و يبدو ذلك جليا لمن يقرأ قصائدهم الملحمية التي تفوح منها رائحة الدم، و يخيّم عليها شبح الموت، تلك القصائد التي يمدح فيها الشاعر نفسه او قبيلته بما أراقوه من دماء!!، و ما ازهقوه من ارواح و ما سبوه من نساء!!، و أيتموه من أطفال!! و نجد في البيت الشعريّ التالي مدى انزعاج الشاعر العربيّ الجاهلي لما اصاب قبيلته من نكسة و ذل و هزيمة في ميدان القتال، اذ يقول: فليت لي بهمو قوما إذا ركبوا--شنّوا الإغارة ركبانا و فرسانا و يصف القرآن الكريم هذه الحالة بقوله: «وَ كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها» [1]. (2) الاخلاق العامة في المجتمع الجاهلي العربي: و مهما يكن من امر فان عوامل مختلفة كالجهل و ضيق ذات اليد، و جشوبة العيش، و عدم وجود قانون صحيح يحكم الحياة الاجتماعية، و حالة البداوة الموجبة للتوحش، و الكسل و البطالة و غير ذلك من الرذائل الاخلاقية كانت قد حوّلت جوّ الجزيرة العربية إلى جوّ فاسد قاتم، حتى أن امورا يندى لها الجبين قد اخذت طريقها الى حياة تلك الجماعة و راحت تتخذ شيئا فشيئا صفة العادات المتعارفة!! لقد كانت الغارات و عمليات النهب، و القمار، و الربا، و الاسر، و السبي من الأعمال و الممارسات الرائجة في حياة العرب الجاهلية، و كان شرب الخمر و معاقرتها بلا حدود هو الآخر من الأعمال القبيحة الشائعة لديهم، و لقد ترسّخت هذه العادة القبيحة في حياتهم الى درجة انها صارت جزء من طبيعتهم، و حتى أن
[1] آل عمران: 103. |
|