تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر
«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۳۹   

فی أقسام العلوم،و بعضها بحث عن صفات الأجسام و خواصها و کیفیة استحالتها و تغیرها، و هو شبیه بنظر الأطباء،إلا أن الطبیب ینظر فی بدن الإنسان على الخصوص من حیث یمرض و یصح،و هم ینظرون فی جمیع الأجسام من حیث تتغیر و تتحرک.و لکن للطب فضل علیه و هو أنه محتاج إلیه ،و أما علومهم فی الطبیعیات فلا حاجة إلیها .فإذا الکلام صار من جملة الصناعات الواجبة على الکفایة حراسة لقلوب العوام عن تخییلات المبتدعة،و إنما حدث ذلک بحدوث البدع،کما حدثت حاجة الإنسان إلى استئجار البذرقة فی طریق الحج بحدوث ظلم العرب و قطعهم الطریق،و لو ترک العرب عدوانهم لم یکن استئجار الحراس من شروط طریق الحج،فلذلک لو ترک المبتدع هذیانه لما افتقر إلى الزیادة على ما عهد فی عصر الصحابة رضى اللّٰه عنهم.

فلیعلم المتکلم حدّه من الدین

،و أن موقعه منه موقع الحارس فی طریق الحج،فإذا تجرّد الحارس للحراسة لم یکن من جملة الحاج،و المتکلم إذا تجرّد للمناظرة و المدافعة و لم یسلک طریق الآخرة،و لم یشتغل بتعهد القلب و صلاحه لم یکن من جملة علماء الدین أصلا،و لیس عند المتکلم من الدین إلا العقیدة التی یشارکه فیها سائر العوام،و هی من جملة أعمال ظاهر القلب و اللسان،و إنما یتمیز عن العامی بصنعة المجادلة و الحراسة ،فأما معرفة اللّٰه تعالى و صفاته و أفعاله و جمیع ما أشرنا إلیه فی علم المکاشفة فلا یحصل من علم الکلام،بل یکاد أن یکون الکلام حجابا علیه و مانعا عنه،و إنما الوصول إلیه بالمجاهدة التی جعلها اللّٰه سبحانه مقدمة للهدایة حیث قال تعالى: (وَ الَّذِینَ جٰاهَدُوا فِینٰا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنٰا وَ إِنَّ اللّٰهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِینَ) فان قلت:فقد رددت حدّ المتکلم إلى حراسة عقیدة العوام عن تشویش المبتدعة ،کما أن حدّ البذرقة حراسة أقمشة الحجیج عن نهب العرب،و رددت حدّ الفقیه إلى حفظ القانون الذی به یکف السلطان شرّ بعض أهل العدوان عن بعض،و هاتان رتبتان نازلتان بالإضافة إلى علم الدین،و علماء الأمّة المشهورون بالفضل هم الفقهاء و المتکلمون،و هم أفضل الخلق عند اللّٰه تعالى، فکیف تنزل درجاتهم إلى هذه المنزلة السافلة بالإضافة إلى علم الدین؟ فاعلم أن من عرف الحقّ بالرجال،حار فی متاهات الضلال،فاعرف الحقّ تعرف أهله إن کنت سالکا طریق الحق،و إن قنعت بالتقلید و النظر إلى ما اشتهر من درجات الفضل بین


«« اولین صفحه    « صفحه قبل   الجزء:    صفحه بعدی »    آخرین صفحه»»
 تحمیل PDF مشخصات کتاب فهرست کتاب  تصویر کتاب  دانلود تصویر